المشكلات الصفية
يكاد لا يخلو صف من الصفوف المدرسية من بعض المشكلات والتي تتفاوت في حدّتها من صفٍِ لآخر ومن حصة لأخرى تبعاًَ لعوامل عديدة تعود في معظمها إلى طبيعة الطلاب أنفسهم ، وإلى خبرة المدرس في تجنب مثل هذه المشكلات ، أو معالجتها عند حدوثها.
وفي الوقت الحالي يشعر المعلمون أكثر من أي وقت مضى بحيرة قد تصل إلى الإحباط من المشكلات الصفية التي تزداد مع مر الأجيال ، فهم يؤكدون أنهم مهما قضوا من الساعات الطوال في العمل الجاد ، فإنهم يجدون بعض المشكلات الصفية عسيرة على المعالجة. وإذا علمنا أن 70% من المدرسين يحتاجون إلى تحسين مهاراتهم في مواجهة المشكلات الصفية . وأنّ ثمانية معلمين من أصل عشرة يتركون التدريس من السنة الأولى بسبب تلك المشكلات ، وعدم قدرتهم على معالجتها بفاعلية ، تبين لنا مدى حجم المشكلة وأهميتها ، إذ كيف سيتطور الطلاب سلوكيا وأكاديميا والغرفة الصفية تعج بالمشكلات ؟!! فمهما بلغ المدرس من كفاءة أكاديمية وتحصيل العلوم لن يستطيع إيصال تلك العلوم بأيسر السبل إن وقف حائرا أمام طلابه لا يدري كيف يتدبر ما يرى من مشكلات. ولحسن الحظ فإن مهارات التعامل مع المشكلات الصفية هي مهارات مكتسبة يمكن تعلمها وتطويرها لتحسين الأداء التعليمي الفعال في المواقف الصفية المختلفة.
أسباب المشكلات الصفية : يختلف المدرسون فيما يقبلونه من سلوكات؛ فما يكون مقبولا لدى بعضهم قد يرفضه آخرون ، والمعلم هو الذي يحدد السلوك الذي يعتبره مقبولا في حصته ؛ فإن قبل من الطلاب سلوكا ما فهو سلوك صحيح ، وإن رفضه فهو سلوك سيئ ، قد يؤدي إلى حدوث مشكلات صفية تعزى في أغلبها إلى الأسباب الآتية :
§ الملل والضجر : تشير إحدى الدراسات إلى أن أغلب أوقات الملل والضجر التي يقضيها الطلاب في حياتهم تكون في بعض الحصص المدرسية ، التي يكون محتوى المادة وأسلوب التدريس فيها يدعو إلى الشعور بالملل. إنّ الملل في الصف يعكس استجابات سلبية نحو التعلم وانعدام الاهتمام به ، لذا يكون الطلاب الذين يشعرون بالملل والضجر مصدرا رئيسا للمشكلات الصفية ، فعندما يسيطر المعلم على النقاش أثناء الحصة أو يقوم الطلاب بنشاط ما تزيد مدته عن 20 دقيقة، فإنّ هذا يكون مدعاة لشعورهم بالرتابة والجمود ، فيتحوّل اهتمامهم وتفكيرهم نحو أي شيء آخر يثير اهتمامهم أكثر من الدرس. وقد يعزى شعور الطلاب بالملل إلى قلة التنويع في الأنشطة والمواضيع التي يبحثها المعلم مع طلابه ، غالبا ما يزيد الملل عند الطلاب حينما يفقدون الحماس والتشويق والتحدي .
§ الإحباط والتوتر : قد يلجأ الطلاب إلى المشكلات الصفية نتيجة شعورهم بالإحباط والتوتر أثناء الحصة ، فيمكن أن تعزى هذه المشكلات إلى كثرة القوانين والقيود التي يضعها المعلم ، مما يؤدي إلى إرباك الطلاب وتوترهم . كما أن سرعة سير المعلم في شرح الدروس دون إعطاء الطلاب راحة بين الفينة والأخرى للتفكير واستيعاب ما تلقوه من معلومات يؤدي إلى شعورهم بالإحباط والتوتر ، فيلجأون عندها إلى إثارة المشكلات . جدير بالذكر أن الطلاب يتشربون مشاعر واتجاهات معلمهم ؛ فإن أخبرهم مسبقا بأنّ موضوعا ما صعب أو غير ممتع فهذا يزيد من حدة التوتر والإحباط لديهم ، وغالبا ما يسيطر الإحباط والتوتر على الطلاب حينما تفتقر البيئة الصفية على روح الدعابة. وهناك فئات عديدة من الطلاب التي تصاب بالتوتر والإحباط : فمنهم الفئة التي تشعر بالعجز عن إنهاء المهمات المطلوبة في الوقت المحدد ، ومنهم التي تحبط عندما لا يلتزم المعلم بخط سير الدرس، وينشغل بالأحاديث الجانبية غير المفيدة ، ومنها التي تشعر بالخوف والحرج من الإجابة عن أسئلة المعلم التي توجه إليهم بصورة مفاجأة، وبالمقابل هناك فئة تشعر بالإحباط إن لم يفسح لها المعلم فرصة المشاركة الصفية بشكل فعال ؛ وبالأخص إن كانت مستعدّة مسبقا للحصة بشكل جيّد كإحضار وسيلة إيضاح ونحوها . وإن لم تلق جميع هذه الفئات العناية والرعاية من المعلم أُحبطت ، وصارت تبحث لها عن أنشطة أخرى لا ترتبط بالدرس وزادت من احتمالات حدوث المشكلات الصفية.
§ العدوان : عندما يشعر الطلاب بالإحباط يمكن أن تصدر عنهم سلوكيات تتميز بالعنف والمشاكسة أثناء الحصة تعبيرا عن الغضب وعدم الرضا ؛ كالنقد الجارح للزملاء ، وتبادل الشتائم والألفاظ النابية ، وتمزيق الدفاتر والكتب، وإتلاف المقاعد الصفية .
§ ميل الطلاب إلى جذب الانتباه : يميل بعض الطلاب وبالأخص المراهقين منهم إلى جذب انتباه المعلم والطلاب ، لأنّ لديهم رغبة وحاجة في أن يتقبّلهم الآخرون ، لذا فهم يحاولون لفت أنظار من حولهم من خلال التحصيل الأكاديمي ، والشخصية القيادية ، والمهارات الاجتماعية ، والتكيف مع الآخرين . وبالرغم من أن الطلاب يقصدون جذب الانتباه ، إلا أن بعضهم قد يفشل في تحقيق ذلك بسلوك مرغوب فيه ، والقيام بالشغب في الصف كالتشويش والإزعاج بقصد أو بغير قصد . والمعلم الحكيم ينتبه لهذا السلوك ، ويعلم أن الكثير من السلوكات التي يقصد منها جذب الانتباه لا تعد سلوكات سيئة يستحق عليها الطلاب عقابا ما ، وإنما يوظف رغبة هؤلاء الطلاب في تحقيق هدف من الأهداف التعليمية في الحصة ، كأن يكلّفهم بالقيام بنشاط محبب لهم فتتحقق لهم رغبتهم بجذب انتباه الآخرين.
§ الصياح والشغب : قد يسمع المعلم أصواتا في غرفة الصف دون معرفة مصدرها ، إذ يتبادل بعض الطلبة أطراف الحديث ، ويتهامسون أثناء الشرح ، ويجيبون عن الأسئلة بصوت عال دونما إذن ، وقد يصيحون عاليا : ( أنا يا أستاذ ) رغبة منهم في المشاركة. ومن أبرز الأسباب التي تدعو إلى هذه المشكلات هو عدم معرفة الطلاب بالقوانين الصفية، وتوافر صداقة متينة بين الطلاب الذين يجلسون سويا، والميل إلى جذب انتباه الآخرين، والغيرة من الزملاء المتفوقين أكاديميا أو اجتماعيا لعدم قدرتهم على تحقيق التفوق .
§ السلوك الانعزالي: يفتقر بعض الطلاب إلى الثقة بالنفس فيمتنعون عن المشاركة بفعالية في الأنشطة الصفية ، وربما تركوا بعض الأسئلة عليهم بدون حل في دفاترهم دون أن يسألوا المعلم أو حتى زملاءهم عنها . وقد يغفل أو يتغافل عن هذه الفئة العديد من المعلمين ، لأنها تحتاج إلى وقت وجهد وصبر في التعامل معها ؛ إذ إنها تشعر بالخوف والحرج والحساسية الشديدة من الزملاء المعلمين إن أخطأت في الإجابة، لذا فهي تؤثر العزلة الفردية وتتجنب ما أمكن العمل مع الزملاء أثناء القيام بالأنشطة الصفية . وهناك مشكلات أخرى وجد أنها من أبرز المشكلات التي يواجهها المعلمون في صفوفهم ، قد يكون لها ارتباط بالأسباب السابقة كمقاطعة المعلم ، والتحدي وعدم الانتباه والبكاء والكذب والبطء والمماطلة في إنجاز المهمات ، والغش والسرقة ومضغ العلكة.
مصادر المشكلات الصفية: ترتبط أغلب المشكلات الصفية بالآتي :
1. مشكلات تنجم عن سلوكات المعلم.
2. مشكلات تنجم عن سلوكات الطلاب أنفسهم.
3. مشكلات تنجم عن الأنشطة التعليمية الصفية.
أمثلة المشكلات :
1. مشكلات تنجم عن سلوكات المعلم :
§ القيادة المتسلطة بشكل كبير.
§ سوء التخطيط والتحضير للحصة.
§ الإكثار من الوعيد والتهديد ، ومحاولة ضبط الصف بالصوت المرتفع والصراخ.
§ التمييز بين الطلاب بالاهتمام بأفراد أو مجموعات معينة دون غيرهم.
§ خط المعلم غير المقروء أو كلامه غير الواضح .
2. مشكلات تنجم عن سلوكات الطلاب أنفسهم :
§ العدوى السلوكية وتقليد الطلاب لزملائه.
§ الجو التنافسي العدواني.
§ غياب الطمأنينة والأمن.
§ اتجاهات الطلاب السلبية نحو المبحث أو المعلم أو الصف.
3. مشكلات تنجم عن الأنشطة التعليمية الصفية :
§ صعوبة المادة.
§ كثرة الوظائف التعليمية.
§ قلة الإثارة والمتعة في الوظائف التي يحددها المعلم للطلاب.
§ تكرار ورتابة الأنشطة التعليمية.
§ عدم ملاءمة الأنشطة التعليمية لمستوى الطلاب وللمادة الدراسية.
أساليب معالجة المشكلات الصفية : تشير الدراسات في السنوات العشرين الماضية إلى أن الأمور الآتية تقلل من حدوث المشكلات الصفية وتؤدي إلى الانضباط الجيد :
§ التشجيع والسكينة اللذان يسيطران على البيئة الصفية.
§ تدريس قوانين السلوك الصفي ونتائجه كما تدرس المباحث الدراسية ومراجعتها بصورة دورية .
§ استجابة المعلم السريعة للسلوك السيئ ، وعدم تحيزه لفئة معينة من الطلاب عند تطبيق القوانين .
§ تبادل المعلم والطلاب لمسؤولية الانضباط الذاتي والانتماء وتحمل المسؤولية.
§ إبقاء الصف في حركة دؤوبة ، والانتقال بهدوء من نشاط إلى آخر, والتنويع في الأنشطة .
§ المراقبة والتعليق على سلوك الطلاب ، وتعزيز السلوك الجيد بالإشارة والرمز والكلمة وغيرها.
أساليب معالجة المشكلات الصفيّة : أهم الأساليب التي يمكن أن تستخدم لعلاج المشكلات الصفية ما يلي :
1. الوقاية : وهي تعدّ قلب العملية التعليمية, إذ يمكن تجنب العديد من السلوكيات المعيقة للدرس قبل أن تصبح مشكلات جادة , بحيث يحد المعلم منها ويقللها بالممارسات التنظيمية الجيدة للصف ؛ وعلى المعلم أن يراقب سلوكات الطلاب بشكل دوري ليتحسس المشكلة منذ بدايتها أو حتى منذ بدايتها أو حتى قبل وقوعها ؛ إذ إن منع حدوث المشكلة يكون أسهل بكثير من معالجتها بعد وقوعها .وللوقاية من المشكلات الصفية لا بد من الانتباه إلى الأمور التالية :
§ تحديد القوانين الصفية : غالبا ما يكون في الصف من يرغب بتجربة القوانين الصفية التي يضعها المعلم , وهذه شبيهة تماما بقولك للطفل إن الموقد حار ومؤذٍِ فلا تلمسه), ولكنه يرغب بالتأكد من هذا الأمر فيؤذي نفسه. وحتى يضمن المعلم إبقاء الصف بلا مشكلات يمكنه أن يضع قوانين سهلة اللغة وواضحة ومنوعة وبعيدة عن الغموض, ويركز على القوانين التي تجعل الصف منظما وتسهم في التعلم الناجح ؛ فمنذ اليوم الأول من الدراسة يستخدم المعلم الفعّال الحصص الأولى لتحديد القوانين وتعريف الطلاب بالسلوك الأمثل.
§ العدل والثبات: على المعلم أن تكون استجابته ذات نمطية واحدة عند خرق القوانين ؛ لأن الطلاب يشعرون بتحيز المعلم فيما لو طبقت القوانين على فئة معينة دون الأخرى, ومن هنا قد تنهال على المعلم مشكلات كثيرة كان في غنى عنها.
§ التحضير الجيد: ينصح بأن يستعد المعلم جيدا لدروسه منذ بداية العام الدراسي , حتى يُشعر الطلابَ بأنه معلم منظم فيثقوا بما يدرسهم من مواضيع . وحين يستعد المعلم جديا للحصة فإنه يعلم حاجات المتعلمين ويهيء السبل لتكون الحصة ممتعة , ويتجنب الأنشطة التي يعلم أنها لا تحقق الأهداف المرجوة.
§ إجراء التعديلات اللازمة أثناء الحصة: ليتجنب المعلم الخبير أية مشكلات ؛ فإنه يعلم كيف يجري أية تعديلات على خطته سريعا حينما يلاحظ أن حماس الطلاب بدأ يتراجع , لذا فهو يعدّ أنشطة تعليمية تُبقي الطلاب في عمل دؤوب ومتعة واهتمام بالعلوم التي يتلقونها , وتجنبهم الملل وعدم الانضباط الصفي .
2. التيقظ : وهذا يعني أن يصبح للمعلم عينان في مؤخرة رأسه ليدرك ما يدور في الصف . فإن لاحظ المعلم بعض المشكلات السلوكية البسيطة كالسرحان والتهامس , فيمكنه الوقوف قريبا من الطالب المعني , أو الاكتفاء بالنظر إليه لإشعاره بعدم الرضا عن ذلك السلوك , فيحصل المعلم على المطلوب دون تشويش بقية الطلاب .
3. التركيز : يبدأ المعلم الخبير حصته بانتظار 5- 10 ثوان ليتأكد أن انتباه الطلاب موجه نحوه , وأنهم مستعدون للاستماع إليه , ويبدأ الحصة بصوت منخفض قليلا عن المعتاد ليجعل الطلاب أكثر هدوءا مما لو بدأ بصوت عال ومرتفع .
4. المراقبة : يحرص المعلم الخبير على التجول بين الطلاب داخل الغرفة الصفية ؛ ليتأكد من أن الطلاب يقومون بأداء الواجب المطلوب منهم بشكل صحيح , كما أن هذا الأمر يجعل الجميع يبدأ حالا بالمطلوب ودون تأخير و ويقوم المعلم بالإجابة على تساؤلات الطلاب بصوت منخفض في أثناء ذلك , وإن وجد أية صعوبات مشتركة يطلب من الجميع التوقف عن العمل والانتباه إليه ليوضح المطلوب مرة أخرى .
يكاد لا يخلو صف من الصفوف المدرسية من بعض المشكلات والتي تتفاوت في حدّتها من صفٍِ لآخر ومن حصة لأخرى تبعاًَ لعوامل عديدة تعود في معظمها إلى طبيعة الطلاب أنفسهم ، وإلى خبرة المدرس في تجنب مثل هذه المشكلات ، أو معالجتها عند حدوثها.
وفي الوقت الحالي يشعر المعلمون أكثر من أي وقت مضى بحيرة قد تصل إلى الإحباط من المشكلات الصفية التي تزداد مع مر الأجيال ، فهم يؤكدون أنهم مهما قضوا من الساعات الطوال في العمل الجاد ، فإنهم يجدون بعض المشكلات الصفية عسيرة على المعالجة. وإذا علمنا أن 70% من المدرسين يحتاجون إلى تحسين مهاراتهم في مواجهة المشكلات الصفية . وأنّ ثمانية معلمين من أصل عشرة يتركون التدريس من السنة الأولى بسبب تلك المشكلات ، وعدم قدرتهم على معالجتها بفاعلية ، تبين لنا مدى حجم المشكلة وأهميتها ، إذ كيف سيتطور الطلاب سلوكيا وأكاديميا والغرفة الصفية تعج بالمشكلات ؟!! فمهما بلغ المدرس من كفاءة أكاديمية وتحصيل العلوم لن يستطيع إيصال تلك العلوم بأيسر السبل إن وقف حائرا أمام طلابه لا يدري كيف يتدبر ما يرى من مشكلات. ولحسن الحظ فإن مهارات التعامل مع المشكلات الصفية هي مهارات مكتسبة يمكن تعلمها وتطويرها لتحسين الأداء التعليمي الفعال في المواقف الصفية المختلفة.
أسباب المشكلات الصفية : يختلف المدرسون فيما يقبلونه من سلوكات؛ فما يكون مقبولا لدى بعضهم قد يرفضه آخرون ، والمعلم هو الذي يحدد السلوك الذي يعتبره مقبولا في حصته ؛ فإن قبل من الطلاب سلوكا ما فهو سلوك صحيح ، وإن رفضه فهو سلوك سيئ ، قد يؤدي إلى حدوث مشكلات صفية تعزى في أغلبها إلى الأسباب الآتية :
§ الملل والضجر : تشير إحدى الدراسات إلى أن أغلب أوقات الملل والضجر التي يقضيها الطلاب في حياتهم تكون في بعض الحصص المدرسية ، التي يكون محتوى المادة وأسلوب التدريس فيها يدعو إلى الشعور بالملل. إنّ الملل في الصف يعكس استجابات سلبية نحو التعلم وانعدام الاهتمام به ، لذا يكون الطلاب الذين يشعرون بالملل والضجر مصدرا رئيسا للمشكلات الصفية ، فعندما يسيطر المعلم على النقاش أثناء الحصة أو يقوم الطلاب بنشاط ما تزيد مدته عن 20 دقيقة، فإنّ هذا يكون مدعاة لشعورهم بالرتابة والجمود ، فيتحوّل اهتمامهم وتفكيرهم نحو أي شيء آخر يثير اهتمامهم أكثر من الدرس. وقد يعزى شعور الطلاب بالملل إلى قلة التنويع في الأنشطة والمواضيع التي يبحثها المعلم مع طلابه ، غالبا ما يزيد الملل عند الطلاب حينما يفقدون الحماس والتشويق والتحدي .
§ الإحباط والتوتر : قد يلجأ الطلاب إلى المشكلات الصفية نتيجة شعورهم بالإحباط والتوتر أثناء الحصة ، فيمكن أن تعزى هذه المشكلات إلى كثرة القوانين والقيود التي يضعها المعلم ، مما يؤدي إلى إرباك الطلاب وتوترهم . كما أن سرعة سير المعلم في شرح الدروس دون إعطاء الطلاب راحة بين الفينة والأخرى للتفكير واستيعاب ما تلقوه من معلومات يؤدي إلى شعورهم بالإحباط والتوتر ، فيلجأون عندها إلى إثارة المشكلات . جدير بالذكر أن الطلاب يتشربون مشاعر واتجاهات معلمهم ؛ فإن أخبرهم مسبقا بأنّ موضوعا ما صعب أو غير ممتع فهذا يزيد من حدة التوتر والإحباط لديهم ، وغالبا ما يسيطر الإحباط والتوتر على الطلاب حينما تفتقر البيئة الصفية على روح الدعابة. وهناك فئات عديدة من الطلاب التي تصاب بالتوتر والإحباط : فمنهم الفئة التي تشعر بالعجز عن إنهاء المهمات المطلوبة في الوقت المحدد ، ومنهم التي تحبط عندما لا يلتزم المعلم بخط سير الدرس، وينشغل بالأحاديث الجانبية غير المفيدة ، ومنها التي تشعر بالخوف والحرج من الإجابة عن أسئلة المعلم التي توجه إليهم بصورة مفاجأة، وبالمقابل هناك فئة تشعر بالإحباط إن لم يفسح لها المعلم فرصة المشاركة الصفية بشكل فعال ؛ وبالأخص إن كانت مستعدّة مسبقا للحصة بشكل جيّد كإحضار وسيلة إيضاح ونحوها . وإن لم تلق جميع هذه الفئات العناية والرعاية من المعلم أُحبطت ، وصارت تبحث لها عن أنشطة أخرى لا ترتبط بالدرس وزادت من احتمالات حدوث المشكلات الصفية.
§ العدوان : عندما يشعر الطلاب بالإحباط يمكن أن تصدر عنهم سلوكيات تتميز بالعنف والمشاكسة أثناء الحصة تعبيرا عن الغضب وعدم الرضا ؛ كالنقد الجارح للزملاء ، وتبادل الشتائم والألفاظ النابية ، وتمزيق الدفاتر والكتب، وإتلاف المقاعد الصفية .
§ ميل الطلاب إلى جذب الانتباه : يميل بعض الطلاب وبالأخص المراهقين منهم إلى جذب انتباه المعلم والطلاب ، لأنّ لديهم رغبة وحاجة في أن يتقبّلهم الآخرون ، لذا فهم يحاولون لفت أنظار من حولهم من خلال التحصيل الأكاديمي ، والشخصية القيادية ، والمهارات الاجتماعية ، والتكيف مع الآخرين . وبالرغم من أن الطلاب يقصدون جذب الانتباه ، إلا أن بعضهم قد يفشل في تحقيق ذلك بسلوك مرغوب فيه ، والقيام بالشغب في الصف كالتشويش والإزعاج بقصد أو بغير قصد . والمعلم الحكيم ينتبه لهذا السلوك ، ويعلم أن الكثير من السلوكات التي يقصد منها جذب الانتباه لا تعد سلوكات سيئة يستحق عليها الطلاب عقابا ما ، وإنما يوظف رغبة هؤلاء الطلاب في تحقيق هدف من الأهداف التعليمية في الحصة ، كأن يكلّفهم بالقيام بنشاط محبب لهم فتتحقق لهم رغبتهم بجذب انتباه الآخرين.
§ الصياح والشغب : قد يسمع المعلم أصواتا في غرفة الصف دون معرفة مصدرها ، إذ يتبادل بعض الطلبة أطراف الحديث ، ويتهامسون أثناء الشرح ، ويجيبون عن الأسئلة بصوت عال دونما إذن ، وقد يصيحون عاليا : ( أنا يا أستاذ ) رغبة منهم في المشاركة. ومن أبرز الأسباب التي تدعو إلى هذه المشكلات هو عدم معرفة الطلاب بالقوانين الصفية، وتوافر صداقة متينة بين الطلاب الذين يجلسون سويا، والميل إلى جذب انتباه الآخرين، والغيرة من الزملاء المتفوقين أكاديميا أو اجتماعيا لعدم قدرتهم على تحقيق التفوق .
§ السلوك الانعزالي: يفتقر بعض الطلاب إلى الثقة بالنفس فيمتنعون عن المشاركة بفعالية في الأنشطة الصفية ، وربما تركوا بعض الأسئلة عليهم بدون حل في دفاترهم دون أن يسألوا المعلم أو حتى زملاءهم عنها . وقد يغفل أو يتغافل عن هذه الفئة العديد من المعلمين ، لأنها تحتاج إلى وقت وجهد وصبر في التعامل معها ؛ إذ إنها تشعر بالخوف والحرج والحساسية الشديدة من الزملاء المعلمين إن أخطأت في الإجابة، لذا فهي تؤثر العزلة الفردية وتتجنب ما أمكن العمل مع الزملاء أثناء القيام بالأنشطة الصفية . وهناك مشكلات أخرى وجد أنها من أبرز المشكلات التي يواجهها المعلمون في صفوفهم ، قد يكون لها ارتباط بالأسباب السابقة كمقاطعة المعلم ، والتحدي وعدم الانتباه والبكاء والكذب والبطء والمماطلة في إنجاز المهمات ، والغش والسرقة ومضغ العلكة.
مصادر المشكلات الصفية: ترتبط أغلب المشكلات الصفية بالآتي :
1. مشكلات تنجم عن سلوكات المعلم.
2. مشكلات تنجم عن سلوكات الطلاب أنفسهم.
3. مشكلات تنجم عن الأنشطة التعليمية الصفية.
أمثلة المشكلات :
1. مشكلات تنجم عن سلوكات المعلم :
§ القيادة المتسلطة بشكل كبير.
§ سوء التخطيط والتحضير للحصة.
§ الإكثار من الوعيد والتهديد ، ومحاولة ضبط الصف بالصوت المرتفع والصراخ.
§ التمييز بين الطلاب بالاهتمام بأفراد أو مجموعات معينة دون غيرهم.
§ خط المعلم غير المقروء أو كلامه غير الواضح .
2. مشكلات تنجم عن سلوكات الطلاب أنفسهم :
§ العدوى السلوكية وتقليد الطلاب لزملائه.
§ الجو التنافسي العدواني.
§ غياب الطمأنينة والأمن.
§ اتجاهات الطلاب السلبية نحو المبحث أو المعلم أو الصف.
3. مشكلات تنجم عن الأنشطة التعليمية الصفية :
§ صعوبة المادة.
§ كثرة الوظائف التعليمية.
§ قلة الإثارة والمتعة في الوظائف التي يحددها المعلم للطلاب.
§ تكرار ورتابة الأنشطة التعليمية.
§ عدم ملاءمة الأنشطة التعليمية لمستوى الطلاب وللمادة الدراسية.
أساليب معالجة المشكلات الصفية : تشير الدراسات في السنوات العشرين الماضية إلى أن الأمور الآتية تقلل من حدوث المشكلات الصفية وتؤدي إلى الانضباط الجيد :
§ التشجيع والسكينة اللذان يسيطران على البيئة الصفية.
§ تدريس قوانين السلوك الصفي ونتائجه كما تدرس المباحث الدراسية ومراجعتها بصورة دورية .
§ استجابة المعلم السريعة للسلوك السيئ ، وعدم تحيزه لفئة معينة من الطلاب عند تطبيق القوانين .
§ تبادل المعلم والطلاب لمسؤولية الانضباط الذاتي والانتماء وتحمل المسؤولية.
§ إبقاء الصف في حركة دؤوبة ، والانتقال بهدوء من نشاط إلى آخر, والتنويع في الأنشطة .
§ المراقبة والتعليق على سلوك الطلاب ، وتعزيز السلوك الجيد بالإشارة والرمز والكلمة وغيرها.
أساليب معالجة المشكلات الصفيّة : أهم الأساليب التي يمكن أن تستخدم لعلاج المشكلات الصفية ما يلي :
1. الوقاية : وهي تعدّ قلب العملية التعليمية, إذ يمكن تجنب العديد من السلوكيات المعيقة للدرس قبل أن تصبح مشكلات جادة , بحيث يحد المعلم منها ويقللها بالممارسات التنظيمية الجيدة للصف ؛ وعلى المعلم أن يراقب سلوكات الطلاب بشكل دوري ليتحسس المشكلة منذ بدايتها أو حتى منذ بدايتها أو حتى قبل وقوعها ؛ إذ إن منع حدوث المشكلة يكون أسهل بكثير من معالجتها بعد وقوعها .وللوقاية من المشكلات الصفية لا بد من الانتباه إلى الأمور التالية :
§ تحديد القوانين الصفية : غالبا ما يكون في الصف من يرغب بتجربة القوانين الصفية التي يضعها المعلم , وهذه شبيهة تماما بقولك للطفل إن الموقد حار ومؤذٍِ فلا تلمسه), ولكنه يرغب بالتأكد من هذا الأمر فيؤذي نفسه. وحتى يضمن المعلم إبقاء الصف بلا مشكلات يمكنه أن يضع قوانين سهلة اللغة وواضحة ومنوعة وبعيدة عن الغموض, ويركز على القوانين التي تجعل الصف منظما وتسهم في التعلم الناجح ؛ فمنذ اليوم الأول من الدراسة يستخدم المعلم الفعّال الحصص الأولى لتحديد القوانين وتعريف الطلاب بالسلوك الأمثل.
§ العدل والثبات: على المعلم أن تكون استجابته ذات نمطية واحدة عند خرق القوانين ؛ لأن الطلاب يشعرون بتحيز المعلم فيما لو طبقت القوانين على فئة معينة دون الأخرى, ومن هنا قد تنهال على المعلم مشكلات كثيرة كان في غنى عنها.
§ التحضير الجيد: ينصح بأن يستعد المعلم جيدا لدروسه منذ بداية العام الدراسي , حتى يُشعر الطلابَ بأنه معلم منظم فيثقوا بما يدرسهم من مواضيع . وحين يستعد المعلم جديا للحصة فإنه يعلم حاجات المتعلمين ويهيء السبل لتكون الحصة ممتعة , ويتجنب الأنشطة التي يعلم أنها لا تحقق الأهداف المرجوة.
§ إجراء التعديلات اللازمة أثناء الحصة: ليتجنب المعلم الخبير أية مشكلات ؛ فإنه يعلم كيف يجري أية تعديلات على خطته سريعا حينما يلاحظ أن حماس الطلاب بدأ يتراجع , لذا فهو يعدّ أنشطة تعليمية تُبقي الطلاب في عمل دؤوب ومتعة واهتمام بالعلوم التي يتلقونها , وتجنبهم الملل وعدم الانضباط الصفي .
2. التيقظ : وهذا يعني أن يصبح للمعلم عينان في مؤخرة رأسه ليدرك ما يدور في الصف . فإن لاحظ المعلم بعض المشكلات السلوكية البسيطة كالسرحان والتهامس , فيمكنه الوقوف قريبا من الطالب المعني , أو الاكتفاء بالنظر إليه لإشعاره بعدم الرضا عن ذلك السلوك , فيحصل المعلم على المطلوب دون تشويش بقية الطلاب .
3. التركيز : يبدأ المعلم الخبير حصته بانتظار 5- 10 ثوان ليتأكد أن انتباه الطلاب موجه نحوه , وأنهم مستعدون للاستماع إليه , ويبدأ الحصة بصوت منخفض قليلا عن المعتاد ليجعل الطلاب أكثر هدوءا مما لو بدأ بصوت عال ومرتفع .
4. المراقبة : يحرص المعلم الخبير على التجول بين الطلاب داخل الغرفة الصفية ؛ ليتأكد من أن الطلاب يقومون بأداء الواجب المطلوب منهم بشكل صحيح , كما أن هذا الأمر يجعل الجميع يبدأ حالا بالمطلوب ودون تأخير و ويقوم المعلم بالإجابة على تساؤلات الطلاب بصوت منخفض في أثناء ذلك , وإن وجد أية صعوبات مشتركة يطلب من الجميع التوقف عن العمل والانتباه إليه ليوضح المطلوب مرة أخرى .